تبدلت الأوضاع كثيراً في قرى شرق زحلة عما كانت عليه قبل أشهر قليلة، بالرغم من أنّ الهواجس من حصول تطورات مفاجئة، على الضفة المقابلة من الحدود، لا تزال موجودة، فالمنطقة لا تبعد كثيراً عن سلسلة جبال لبنان الشرقية، ومن الممكن بالعين المجردة مراقبتها بشكل دقيق، إلا أن الأمور لا تزال على خير ما يرام، فهنا الجيش اللبناني حاضر بقوة، ويفصل بين المجموعات المسلحة في منطقة الزبداني السورية والبلدات اللبنانية مقاتلون من الجيش السوري و"حزب الله" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة".
في قرى شرق زحلة، أي كفرزبد وعين كفر زبد وقوسايا ودير الغزال ورعيت وتربل ورياق، كان الحديث سابقاً عن إحتمال إختراق المجموعات المسلحة الحدود اللبنانية هو الأخطر، لا سيما أن هذا السيناريو يعني أن مدينة زحلة أصبحت في خطر، والأمر نفسه بالنسبة إلى مطار رياق العسكري، الذي سيصبح حكماً في مرمى نيران الإرهابيين، وكذلك الطريق إلى بعلبك، معطوفاً على مخاوف من تحركات لخلايا نائمة قد تكون موجودة في مخيمات النازحين السوريين.
اليوم، يتحدث مصدر متابع من المنطقة عن أن إحتمال التسلل يبقى وارداً، لكنه محدود نظراً إلى أن الجرود ممسوكة إلى حد بعيد، ويشير إلى أن في غالبيّة هذه البلدات هناك حراسات ليلية، أما النازحون السوريون فقد تم ضبط وضعهم عبر توثيقهم من قبل البلديات في سجلات، كما تمّت إزالة بعض المخيمات العشوائية.
ويؤكد هذا المصدر، لـ"النشرة"، المعلومات التي تتحدث عن إستعدادات من قبل الأهالي أيضاً، لكنها لا تبدو منظمة على نطاق واسع، هناك من أقدم على شراء سلاح ومن كان يملك سلاحًا قديما أعاد تأهيله، لكن في الإجمال الوضع مريح ومن الطبيعي أن يكون أفضل من باقي المناطق القريبة من السلسلة.
من منزله المطل على الجانب اللبناني من السلسلة الشرقية، يروي رئيس بلدية عين كفرزبد سامي الساحلي، في حديث لـ"النشرة"، تفاصيل واقع المنطقة. "لم يدخل الخوف إلى قلوبنا بكل تأكيد"، عبارة يكررها أكثر من مرة"، لكن هذا لا يمنع الرجل من الحديث عن هواجس تبددها بشكل رئيسي عوامل التماسك بين أبناء المنطقة.
الجميع هنا يشعر بالخطر الذي يحدق بالأرض والوطن، يؤكد الساحلي ذلك، ويجزم بأن أحداً من الأهالي لا يخرج عن الإجماع في منطقة شرق زحلة، ويؤكد أن "الجميع سيقاتل حتى اللحظة الأخيرة في حال حصول أي مواجهة، فاليوم هناك خطر على الإنسانية جمعاء".
وبعيداً عن الخلافات السياسية التي تحصل عادة في بعض المناطق اللبنانية المختلطة سياسياً وطائفياً، يشدد الساحلي على أن الخطر وحّد جميع القوى السياسية على إختلاف توجهاتها، "القواتي" و"العوني" و"حزب الله" و"حركة أمل" وتيار "المستقبل"، وبلغة حاسمة يقول: "الياس ومحمد في خندق واحد اليوم وستجدهم لاحقاً في نقطة واحدة اذا حصلت المواجهة".
على صعيد متصل، لا تبدو القراءة مختلفة كثيراً لدى رئيس بلدية دير الغزال رفيق الدبس، حيث يعرب في حديث لـ"النشرة" عن ثقته بأن لا خطر حقيقي في هذه المرحلة، "حزب الله" والجيش السوري موجودان في مناطق محيطة بالزبداني، وبالتالي لا إمكانية تسلل باتجاه قرى وبلدات شرق زحلة، وبالإضافة إلى ذلك هناك الجيش اللبناني الذي يراهن عليه ويدعو إلى عدم الإستهانة بقدراته، خصوصاً بعد التعزيزات التي قام بها في المنطقة.
ويؤكد الدبس أن الخوف كان موجوداً في الفترة السابقة، "نحن في منطقة تبعد عن أقرب بلدة سورية ما يقارب 3300 مترا"، "عطيب" بالقرب من الزبداني تقع في الشمال الغربي منها، إلا أنه يوضح أن الجيش السوري تمكن من إستعادة السيطرة عليها.
بعد هذه السيطرة، لم يعد هناك إمكانية للتسلل باتجاه المنطقة، إلا في حال حصول هجوم قوي من الزبداني تحديداً، أما بالنسبة إلى الخوف من وجود خلايا نائمة فهو يبقى قائماً، ويكشف رئيس بلدية دير الغزال أن الأجهزة الأمنية تتابع كل ذلك عبر إجراءات مشددة.
وعلى الرغم من الرسائل المطمئنة التي يبعث بها، يلفت الدبس إلى أن كل الإحتمالات تبقى واردة، لكن المؤسسة العسكرية قوية جداً، وبالإضافة إلى ذلك فالأهالي حاضرون للدفاع عن أرضهم والبقاء هنا.
في المحصلة، توضح قرى شرق زحلة عبر خليطها الإجتماعي المختلف حجم الإجماع الوطني حول المؤسسة العسكرية، الأمر الذي يؤمّن لها بيئة حاضنة بأي صدام محتمل مع المجموعات الإرهابية، ويساهم في تحقيقها إنتصار يجب أن يكون محسوماً من الآن.